تقليديًا، يرافق خفض معدلات الفائدة الجهود المبذولة لتحفيز الاقتصاد وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال تشجيع الاستثمار في مجموعة متنوعة من الأصول، بما في ذلك الأصول ذات المخاطر الأعلى التي قد تحقق عوائدًا أكبر. يمكن أن يكون لدي المستثمرين حافز للبحث عن عوائد أكبر بسبب انخفاض معدلات الفائدة على الأصول التقليدية مثل السندات.
مع ذلك، يجب على المستثمرين أن يظلوا حذرين ويدركوا تمامًا المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأصول ذات المخاطر الأعلى، حيث قد تكون هذه الأصول عرضة لتقلبات أكبر. لذا يُستحسن دائمًا تنويع المحافظ والاستفادة من النصائح المالية لتحقيق توازن مناسب بين المخاطر والعوائد.
فيما يتعلق بسؤال المستثمرين في عام 2024 حول "هل سيتجهون جماعيًا للابتعاد عن النقد؟"، يُشير تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" إلى أن محاولة المستثمرين الابتعاد عن النقد للحفاظ على قيمة مدخراتهم خلال فترات الاقتصاد التقلبي قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأصول.
يُركز التقرير أيضًا على أهمية فهم ما إذا كان المستثمرون سيتجهون نحو تحمل المزيد من المخاطر، حيث يشير إلى أن هذا الاتجاه كان قائمًا في الأسابيع الستة الماضية أو نحو ذلك.
يُشير الخبير الاقتصادي مازن أرشيد إلى أن خفض الفائدة سيزيد من احتمالية اللجوء إلى فرص الاستثمار ذات المخاطر. يشير إلى أن خفض معدلات الفائدة يجعل تكلفة الاقتراض أرخص، مما يعزز الإنفاق والاستثمار، ويحفز الاقتصاد. يُظهر البنك الفيدرالي أن هذا الوضع يجعل الأصول ذات المخاطر الأعلى، مثل الأسهم، أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد أكبر..
في ظل الارتفاع الملحوظ في أسواق الأسهم والعملات المشفرة خلال الربع الأخير، يعكس ذلك تحسنًا في الثقة بالأسواق المالية، وقد يكون ذلك جزئيًا نتيجة لتراجع التضخم في الولايات المتحدة واستقرار الدولار، مما يشير إلى بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا.
فيما يتعلق بالمستثمرين الذين يسعون لإعادة التوازن في محافظهم الاستثمارية بعيدًا عن النقد، يُشير مازن أرشيد إلى احتمال ميلهم نحو تحمل مزيد من المخاطر، حيث يبحثون عن عوائد أعلى في ظل هبوط أسعار الفائدة التي تُقلل من جاذبية الأصول النقدية أو السندات.
وأوضح أرشيد أن المستثمرين الذين اعتمدوا سابقًا على السندات الحكومية لتحقيق عوائد آمنة وثابتة قد ينظرون الآن بشكل أكبر إلى الأسهم أو الأصول البديلة مثل العقارات والعملات المشفرة كخيارات استثمارية أكثر جاذبية. ويعكس هذا التحول تغيرًا في توقعات المستثمرين بشأن العوائد الممكنة على استثماراتهم.
وفي هذا السياق، حذر أرشيد من ضرورة أن يكون المستثمرين على دراية
بالمخاطر المرتبطة بالأصول ذات العوائد الأعلى، حيث قد تكون الأسهم والعملات
المشفرة أكثر تقلبًا من الأصول التقليدية مثل السندات أو الودائع النقدية. وهذا
يعني أنهم قد يواجهون تقلبات حادة في قيمة استثماراتهم، مما يتطلب درجة عالية من
التحمل للمخاطر وفهمًا عميقًا للأسواق.
التخلي عن النقد
أكد أرشيد أن اتخاذ قرار المستثمرين بالتخلي عن النقد لصالح أصول
أخرى خلال عام 2024 يتطلب تحليلًا دقيقًا لعدة عوامل اقتصادية وسوقية:
أولًا، يعتبر السياق الاقتصادي العام للعام المقبل أمرًا حاسمًا في
توجيه سلوك المستثمرين. في حال استمرار انخفاض معدلات التضخم وبدء البنك الفيدرالي
الأميركي في خفض أسعار الفائدة، قد نشهد اتجاهًا متزايدًا نحو التخلي عن النقد
والاستثمار في أصول تقدم عوائدًا أعلى. يرجى ملاحظة أن انخفاض أسعار الفائدة يقلل
من جاذبية الاحتفاظ بالأموال في شكل نقدي أو في ودائع بنكية بسبب توفير تكلفة
الاقتراض.
ثانيًا، يتعين أخذ حالة أسواق الأسهم والأصول البديلة في الاعتبار.
إذا استمرت أسواق الأسهم في التعافي وشهدت الأصول البديلة مثل العقارات والعملات
المشفرة نموًا، فإن ذلك قد يشجع المستثمرين على تحويل أموالهم من النقد إلى هذه
الأصول
ومع ذلك، يجب مراعاة مستوى المخاطر المرتبط بكل نوع من الأصول. قد
يجد بعض المستثمرين أن المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأسهم أو العملات المشفرة
أعلى مما يتحملونه. وبالتالي، قد يكون لديهم تفضيل للاحتفاظ بجزء من محافظهم
الاستثمارية في أصول نقدية أو سائلة.
فرص استثمارية
أشار أرشيد إلى أنه في السياق الاقتصادي العالمي الحالي، يظهر تزايد اهتمام المستثمرين بالبحث عن فرص استثمارية ذات مخاطر أكبر، ولا سيما في مجال العملات الرقمية. يعزى هذا التوجه إلى عوامل عدة، حيث قدمت العملات الرقمية، رغم تقلباتها العالية، عوائد استثمارية كبيرة في السنوات الأخيرة، مما جذب المزيد من المستثمرين الراغبين في تحقيق أرباح غير تقليدية، خاصةً في ظل تراجع عائدات الأصول التقليدية مثل السندات والودائع النقدية.
من جهة أخرى، يُعزز اهتمام المستثمرين بالتكنولوجيا المالية والابتكارات في مجال العملات الرقمية الثقة في هذا النوع من الأصول. إذ تُقدم التقنيات مثل تكنولوجيا البلوك تشين والعقود الذكية إمكانيات جديدة للمعاملات المالية، مما يزيد من جاذبية الاستثمار في العملات الرقمية بالنسبة لبعض المستثمرين.
وعند الحديث عن تصنيف الاستثمارات من حيث المخاطر، أوضح أرشيد أنه يمكن ترتيبها من الأقل مخاطرة إلى الأكثر مخاطرة. حيث تأتي الودائع البنكية وأذون الخزانة في المرتبة الأولى، حيث تُعد من بين الأصول الأكثر أمانًا نظرًا لتأمينها عادةً أو دعمها من قبل الحكومات، مما يقلل من خطر فقدان رأس المال. يلي ذلك السندات الحكومية، التي تُعتبر أكثر مخاطرة قليلاً من الودائع البنكية وأذون الخزانة وتوفر عائدات منتظمة.
مع التقدم في مستويات المخاطر، نجد الأسهم، حيث تمثل مستوى مخاطر أعلى نتيجة لتقلبات السوق. يمكن للأسهم توفير عوائد عالية، ولكنها تأتي مع مخاطر كبيرة من فقدان جزء أو كل رأس المال المستثمر. وفي أعلى مستوى للمخاطر، نجد الأصول البديلة مثل العملات الرقمية والسلع الأساسية، حيث تشتهر هذه الأصول بتقلباتها الشديدة وتقلبات الأسعار، مما يجعلها من بين الأصول الأكثر مخاطرة للاستثمار فيها.
العقارات
والذهب وأسواق الأسهم
بالنسبة لسبل الاستثمار المتاحة حاليًا والتي قد تتأثر بالأصول الأكثر مخاطرة، أوضح أرشيد أن العقارات والذهب والبورصة يُعتبرون ثلاثة من أبرز القنوات الاستثمارية التي يُفضلها المستثمرون، مشيرًا إلى أن لكل من هذه السبل خصائصها وتحدياتها في الوضع الاقتصادي الحالي.
فيما يتعلق بالقطاع العقاري، يُشير إلى أنه قد يواجه تحديات مرتبطة بصعوبة تسييل الأصول العقارية، حيث تُميز العقارات بأنها استثمارات طويلة الأجل وغير سائلة مثل الأسهم أو السندات. وفي سياق اقتصادي متقلب أو في حالة ارتفاع أسعار الفائدة، قد يجد المستثمرون صعوبة في بيع عقاراتهم بسرعة أو بالسعر المطلوب، مما يؤدي إلى تباطؤ في القطاع العقاري.
أما بالنسبة للاستثمار في الذهب، فيُعتبر تقليديًا مخزنًا للقيمة وملاذًا آمنًا في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومع ذلك، يحتاج الذهب إلى دورة زمنية طويلة لتحقيق العوائد، وقد لا يكون جاذبًا للمستثمرين الراغبين في عوائد سريعة. في ظل البيئة الاقتصادية الحالية التي تتميز بتراجع معدلات التضخم واحتمال خفض أسعار الفائدة، قد ينخفض الطلب على الذهب كملاذ آمن، مما يؤدي إلى انخفاض أسعاره.
أما بالنسبة للبورصة، فيظهر أن الأسواق المالية تواجه مجموعة من المخاطر التي يمكن أن تؤثر على أدائها. من بين هذه المخاطر تشمل التوترات الجيوسياسية، التغيرات في السياسات النقدية، والتطورات الاقتصادية العالمية. يُمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى تقلبات في البورصات، مما قد يجعل بعض المستثمرين أكثر حذرًا في استثماراتهم.
العملات المشفرة
أشار أرشيد إلى مدى المخاطر في سوق العملات المشفرة، حيث يشغل هذا السوق مكانة بارزة في الساحة الاستثمارية العالمية، ومع ذلك، فإن هذا المكان المتميز يتعرض بشكل فعلي لسرعة التغيير والتقلبات الحادة التي قد تحدث في لحظات. واستخدم حادثة إفلاس بورصة FTX كمثال على هذا الواقع، مُعتبرًا أن هذا الحادث ليس فقط مثالًا على التقلبات السعرية في العملات المشفرة، بل يسلط الضوء أيضًا على المخاطر التشغيلية والتنظيمية في هذا القطاع.
من جهة، يُشير إفلاس مثل هذه البورصة إلى المخاطر المرتبطة بالبنية التحتية لسوق العملات المشفرة. فعلى الرغم من أن العملات المشفرة نفسها قد تقدم فرصا استثمارية مغرية، إلا أن المنصات التي يتم التداول من خلالها والتي تدعم هذه السوق لا تزال تواجه تحديات تنظيمية وأمنية كبيرة. وهذا يعني أن المستثمرين ليسوا فقط عرضة لتقلبات أسعار العملات المشفرة، ولكن أيضًا للمخاطر التشغيلية المرتبطة بالبورصات والمنصات التي يستخدمونها.
من ناحية أخرى، تُذكر حالة إفلاس FTX بأهمية الإدارة الرشيدة والشفافية في عالم
العملات المشفرة. فنظام العملات المشفرة لا يزال في مراحل تطويره، ويفتقر إلى
الإطار التنظيمي الشامل الذي يوجد في الأسواق التقليدية. وهذا يعني أن المستثمرين
قد يتعرضون لمخاطر أعلى مقارنة بالاستثمار في أسواق أكثر نضجًا وتنظيمًا.